JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

لماذا يتغير لون الكهرمان مع الزمن؟

 



شخص يحمل قطعة من الكهرمان الطبيين يظهر تدرجا في اللون من الاصفر الى البني ، في مثال على تأثير الزمن والعوامل البيئية على لون الكهرمان



يكثر التساؤل حول تغير لون الكهرمان عبر الزمن، وما إذا كان ذلك يؤثر على قيمته، أم يعد دليلًا على أصالته وقدمه، وتوثيقًا لرحلته الزمنية الفريدة.

 

السبب الأصلي في تنوع لون الكهرمان هو تكونه من راتنج الأشجار المتحجرة، الذي أكسبه ألوانًا دافئة تتدرج من الأصفر الذهبي إلى البني الغامق، وقد يلاحظ بعض المهتمين تغير لون الكهرمان، ما يثير التساؤل حول طبيعة هذا التغير: هل هو دلالة على قدم الحجر وأصالته، أم نتيجة لعوامل بيئية تؤثر على مظهره؟

 

تشير الأبحاث العلمية إلى أن هذا التغير ظاهرة علمية تعكس التفاعلات الكيميائية المستمرة في البنية الجزيئية لهذا الراتنج المتحجر، وتعد سجلًّا حيًّا للظروف البيئية والجيولوجية التي تعرض لها حجر الكهرمان على مدى ملايين السنين، ليعد بذلك أفضل أرشيف طبيعي فريد للدراسات العلمية المتخصصة.

 

لنأخذ جولةً مفصلة في أروقة هذه الأبحاث العلمية، ثم نجيبك من خلالها عن سؤال لماذا يتغير لون الكهرمان مع الزمن؟

 

تعدد ألوان حجر الكهرمان وتأثيرها على قيمته

يعرف الكهرمان بألوانه الفريدة التي تتراوح من الأبيض الشفاف إلى الأصفر الذهبي والبرتقالي والبني المحمر، وتعد القطعة الشفافة أعلى قيمةً من غيرها بسبب نقاء تركيبها، بينما تتربع القطع الزرقاء والخضراء على قمة الهرم القيمي لندرتها، لكن هذا لا يقلل من قيمة القطع الخاصة التي تحتوي على شوائب حيوانية أو نباتية، والتي تزيد من قيمتها العلمية والجمالية.

 

تعريض الكهرمان لأشعة الشمس بين الخرافات والمخاطر الحقيقية

تشيع فكرة تعريض القطع المصنوعة من كهرمان طبيعي لأشعة الشمس المباشرة بهدف إعادة شحنها، وزيادة تركيز حمض السكسينيك على سطحها.

 

إلا أن الدراسات العلمية تفند هذه الممارسة، حيث تؤكد الأبحاث أن أعلى تركيز لحمض السكسينيك يتواجد بشكل طبيعي في القشرة الخارجية للحجر دون حاجة للتسخين، بل على العكس من ذلك، قد يتسبب التعرض الطويل لأشعة الشمس المباشرة في إلحاق الضرر ببنية الكهرمان، والتأثير سلبًا على خصائصه البصرية والفيزيائية، والتقليل من قيمته الجمالية والعلمية على المدى الطويل.

 

أكسدة الكهرمان: دراسة تحليلية لتأثيرها على تغير لون الكهرمان   

تم الكشف في إحدى الدراسات العلمية عن أدلة دامغة تثبت أن عملية أكسدة الكهرمان البلطيقي تبدأ من السطح كتفاعل كيميائي أولي، قبل أن تنتشر تدريجيًّا نحو المناطق الداخلية.

 

وقد اعتمد الباحثون في هذه الدراسة على تحليل مقاطع عرضية من كريات كهرمان معدة خصيصًا للاختبار، حيث خضعت لعمليات شيخوخة حرارية مسرعة لمحاكاة تأثير الزمن.

 

ومن خلال استخدام تقنية مطيافية الأشعة تحت الحمراء المجهرية "ATR-FTIR" تمكن الفريق البحثي من تتبع التغييرات الكيميائية الدقيقة في مختلف طبقات العينات، وأظهرت النتائج أن الطبقات السطحية الخارجية هي الأكثر تأثرًا بعملية الأكسدة، حيث سجلت أعلى مستويات تكوين مجموعات الكربونيل فيها، بينما حافظت المناطق الداخلية على خصائصها الكيميائية الأصلية بشكل ملحوظ

 

يعزى هذا التوزيع غير المتجانس لعمليات أكسدة الكهرمان إلى الطبيعية قليلة المسامية لهذا الحجر العضوي، والتي تبطئ من انتشار الغازات عبر المادة، وهذه الخاصية تجعل السطح هو الخط الدفاعي الأول والأكثر عرضةً للتفاعل مع العوامل البيئية المحيطة.

 

تشكل عملية الأكسدة السطحية العامل الأساسي وراء تغير لون الكهرمان مع مرور الزمن، حيث يترتب على هذا التغير في البناء الجزيئي تغيير في قدرة المادة على امتصاص الضوء، وهو ما يظهر تحولًا تدريجيًّا في اللون من الدرجات الفاتحة إلى درجات أغمق، وتظهر هذه التغيرات أولًا على السطح، حيث تبدأ عملية الأكسدة ثم تتعمق مع الوقت. 

 

تتناسب شدة اللون طرديًّا مع سمك طبقة الأكسدة المتكونة على السطح، كما تساهم عدة عوامل خارجية في تسريع هذه العملية، مثل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، والتعرض للأشعة فوق البنفسجية، بالإضافة إلى تأثير الملوثات الجوية التي تزيد من نشاط التفاعلات الكيميائية.

 

وتكمن الأهمية العلمية لهذا الاكتشاف في كونه يقدم تفسيرًا دقيقًا لسبب ظهور القطع الأثرية القديمة بألوان أعمق مقارنةً بنظيراتها الحديثة، كما يظهر أن التغير اللوني في الكهرمان ليس عمليةً عشوائية، بل هي بمثابة سجل زمني طبيعي يمكن للباحثين الاستفادة منه في تأريخ القطع المكونة من كهرمان طبيعي وتوثيقها، وإضافة بعد جديد لقيمتها العلمية والتاريخية.

 

على أي حال، فإن الكهرمان كغيره من الأحجار العضوية الكريمة، حساس للضوء وقد يغمق لونه مع مرور الوقت، ومع ذلك فهذا ليس بسيئ، ولكنك قد تحب اقتناء حجر ذو لون كهرمانيعسلي، والتعرض لأشعة الشمس لفترات أطول من الفترات العادية قد يغمق لونه.

 

تأثير العمر الجيولوجي على لون الكهرمان

يلعب العمر الجيولوجي دورًا حاسمًا في إعطاء الحجر العضوي لون كهرماني فريد مختلف عن قطعة الحجر الأخرى، هذا بالإضافة إلى تداخل عدة عوامل، هي:

١. الأكسدة وتفاعل المكونات العضوية للكهرمان مع الأكسجين بمرور الوقت يؤدي إلى تحول اللون من الألوان الفاتحة نسبيًّا إلى درجات أغمق مثل البرتقالي واللون المحمر، وتبدأ هذه العملية من السطح وتتجه تدريجيًّا نحو الداخل.

٢. التعرض للعوامل الجوية، حيث يؤثر الضوء والحرارة على التركيب الكيميائي للكهرمان، ويؤدي التعرض الطويل للأشعة فوق البنفسجية إلى تغير اللون. 

٣. ظروف الدفن، حيث تحافظ البيئات الخالية من الأكسجين على الألوان الأصلية، وتظهر الأحافير المحفوظة في طبقات طينية أو تحت الماء ألوانًا أكثر نقاء.

٤. تؤدي كذلك درجات الحرارة والضغط المرتفعين على مدى فترات جيولوجية طويلة إلى تعتيم اللون.

 

وماذا عن لون الكهرمان الأزرق؟

يظهر الكهرمان الأزرق النادر لونه المميز بسبب ظاهرة بصرية خاصة تسمى "الفلورة السطحية"، فعندما يتعرض للأشعة فوق البنفسجية مثل تلك الموجودة في ضوء الشمس، يمتص سطح الكهرمان هذه الأشعة، ويعيد إشعاعها كضوء أزرق مخضر، وهذا اللون الأزرق يقتصر على السطح فقط ولا يخترق كتلة الحجر.

 

هناك سببان رئيسيان يجعلان هذا اللون الأزرق سطحيًّا ولا يظهر في داخل الحجر، هما: أن الأشعة فوق البنفسجية لا تستطيع اختراق عمق الكهرمان، بل يتم امتصاصها بالكامل عند السطح، وبالتالي لا تستطيع إثارة الفلورة في الداخل.

 

والسبب الثاني هو أن الضوء الأزرق المفلور المنبعث من السطح، يتم امتصاصه بسرعة إذا حاول الاختراق إلى الداخل، فلا يصل إلى عين الناظر إلا الانبعاث القادم من السطح مباشرة.

 

هناك أيضًا ظاهرة فريدة تسمى "تأثير أوسامبارا، حيث يتغير لون حجر الكهرمان بشكل ملحوظ حسب سمكه، فالقطع الرقيقة التي لا يتعدى سمكها 3 ملمترات تظهر بلون أصفر صافي، وكأنك تنظر عبر قطعة من العسل الشفاف، وعندما يزيد السمك إلى المدى المتوسط بين 3 إلى 6 ملمترات، فيبدأ اللون في التحول تدريجيًّا إلى درجات البرتقالي المصفرة، مشابهًا لون شروق الشمس الدافئ.

 

وبينما تستمر في زيادة السمك لتتجاوز 8 ملمترات، تبدأ الألوان الدافئة في الظهور، حيث يتحول الكهرمان إلى اللون البرتقالي المحمر، ثم إلى الأحمر العميق في القِطع الأكثر سمكًا. 

 

وهذه التحولات اللونية المذهلة تجعل من كل قطعة من الكهرمان الأزرق عالمًا قائمًا بذاته، حيث يمكن لسماكة الحجر وحدها أن تحدد شخصيته اللونية، وتضيف بعدًا جديدًا لجماله الطبيعي الفريد.

 

إن تغير لون الكهرمان ليس عيبًا، بل هو شهادة حية على تاريخه الطويل وتفاعله مع البيئة، وهي ظاهرة طبيعية تضيف قيمة جمالية وعلمية للقطعة، وتجعل منها تحفةً فريدةً تحكي قصة الزمن. 

 

ربما تتوق لاقتناء قطعة ذات لون كهرماني فاتح أو داكن، يمكنك الآن أن تأخذ جولة سريعة في متجر الكهرمان الملكي، حيث تنتظرك تشكيلة رائعة من منتجات الكهرمان الأصلية.



الاسمبريد إلكترونيرسالة