JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

بصريات الانتثار داخل الكهرمان: تأثير فقاعات الغاز والشوائب الدقيقة على اللون

 

صوره مقربة كهرمان شفافه تظهر فقاعات غازية وشوائب دقيقة داخلها تعكس الضوء الذهبي موضحة تأثير البصريات الداخلية ع لون الكهرمان


هل تساءلت يومًا ما كيف يخزن الكهرمان في أعماقه تلك الألوان الذهبية والداخلية المتلألئة؟ الإجابة ليست في الصبغات الملونة، بل في ظاهرة فيزيائية تعرَف بـ انتثار مي (Mieوهي المسؤولة عن تشتيت الضوء داخل الكهرمان ومن ثمَّ ظهور ألوانه الفريدة.

 

سوف نركز في هذا المقال على ظاهرة الانتثار حين يتعرض الكهرمان إلى تشتت ضوئي، وكيف تعمل فقاعات الغاز والشوائب الدقيقة كمحفزات لهذه الظاهرة الفيزيائية، حتى تمنح كل قطعة كهرمان بصمتها اللونية الفريدة.

 

تعريف موجز لظاهرة انتثار مي (Mie)

ظاهرة انتثار مي (Mieهي تشتت الضوء بواسطة جسيمات كروية تكون أكبر من الطول الموجي للضوء أو مقاربة له في الحجم، وتحدث عندما يصطدم الضوء بجسيمات كبيرة نسبيًّا، وينتج عنها تشتت الضوء بجميع الأطوال الموجية "جميع الألوان" بشكل متساوي تقريبًا، ويفسر لنا هذا التعريف ظهور الغيوم الكثيفة باللون الأبيض.

 

التركيب الكيميائي للكهرمان: المفتاح العلمي لفك شيفرة الألوان والانتثار 

يمكن إذابة حجر الكهرمان في بعض المذيبات مثل: الإيثير والكلوروفورم وبعض الزيوت، ولكنه لا يذوب بالكامل بسبب طبيعته البوليمرية المتصالبة.

 

تتكون الكتلة الأساسية للكهرمان من بوليمر، وهي سلسلة من الجزيئات المترابطة من أحماض الراتنج، أهمها حمض السكسينيك (C4H604)، وهو ليس جزيئًا كبيرًا، ولكنه بالغ الأهمية إذ يتراوح ما بين 3-8٪ من وزن كهرمان البلطيق، ويوجد معظم الحمض في الكهرمان الأبيض أو على سطحه الخارجي.

 

كما يتكون التركيب الكيميائي للكهرمان من خليط من مركبات مختلفة، أهمها: الكبريت، والأكسجين والهيدروجين، وتعرف صيغته الكيميائية بالرمز C10H12O.

 

يفسر لنا هذا التركيب الكيميائي الفريد سر الحصول على لون كهرماني مميز، لأنه يؤدي إلى ظاهرتين رئيسيتين، هما:  


١. امتصاص الضوء

حيث تمتص الجزيئات العضوية في الكهرمان بعض ألوان الضوء وتسمح بمرور الألوان الدافئة مثل الأصفر والبرتقالي والبني، وهذا ما يعطيه لونه الذهبي الأساسي.


٢.  تشتّت ضوئي 

وهذا يحدث بسبب تركيبته الداخلية غير المنتظمة، والتي تحتوي على شوائب وفراغات مجهرية، فيقوم الكهرمان بتشتيت الضوء المار خلاله، مما يخلق ذلك التوهج الداخلي والسطح اللامع الذي يشع دفئًا وجمالًا.

 

لماذا يمتلك الكهرمان ذلك الطيف المذهل من الألوان؟

لا يعتمد لون الكهرمان على نوع الراتنج الأصلي وحده، بل تقع المسؤولية الرئيسية على البيئة والظروف الجيولوجية التي تواجد فيها خلال عملية التحجر التي استمرت ملايين السنين.

 

على سبيل المثال، يكون الكهرمان المستخرج من البحار مثل كهرمان بحر البلطيق أكثر جمالًا وتنوعًا في ألوانه مقارنةً بنظيره المستخرج من المناجم، ويعود هذا إلى تعرضه المستمر للرطوبة والحركة المائية على مدى عشرات الملايين من السنين، وهي ظروف ساهمت في عمليات كيميائية وفيزيائية دقيقة شكلت ألوانه.

 

أما عن الآلية العلمية لنشأة ألوان الكهرمان الذهبية، فالدور الأساسي يعود لظاهرة انتثار مي (Mie)، والتي تحدث عندما يصطدم الضوء بجسيمات صلبة مجهرية متكونة داخل الكهرمان أثناء تحجره. 

 

تعمل هذه الجسيمات على تشتيت الضوء الأزرق والبنفسجي بعيدًا، بينما تسمح للضوء الأصفر والذهبي الدافئ بالمرور إلى أعيننا، منتجة لوحة فنية ذات لون كهرماني دافئ.

 

أما فقاعات الهواء أو الماء المحبوسة، فلها دور ثانوي، إذ تساهم في حدوث تشتت ضوئي عام أو تضيف لمعة داخلية، لكنها ليست المصدر الرئيسي للون الكهرمان الأساسي.

 

ونتيجة ذلك، يعطي التشتت المتعدد للضوء الأبيض عبر آلاف الفقاعات لون كهرماني ذو المظهر الحليبي أو الأبيض الكريمي، وكلما زادت الفقاعات زاد تعكر الحجر وتألقه الداخلي.

 

أما الشوائب العضوية الدقيقة، مثل غبار الطلع أو قطع النباتات المتحللة التي علقت في الراتنج الأصلي هي التي تغير اللون، وهي بمثابة ريشة الفنان التي ترسم الألوان الدافئة داخل الكهرمان من خلال "الامتصاص الانتقائي"، حيث تمتص الشوائب الضوء الأزرق والأخضر ذو الطاقة العالية من الطيف الضوئي، فينتج عن ذلك أن الضوء الخارج من الكهرمان يكون غنيًّا بالألوان ذات الطول الموجي الطويل وهي الأصفر والبرتقالي والأحمر وبالتالي تخلق ألوان الكونياك والعسل والكرز الساحرة.

 

يمكن أيضًا لبعض الجزيئات العضوية الدقيقة جدًّا أن تسبب "انتثار رايلي"، والذي يفضل تشتيت الضوء الأزرق، فيضيف توهجًا أزرق نادرًا في بعض الأنواع.

 

درجات نقاء حجر الكهرمان: السلم اللوني الطبيعي

يقع لون الكهرمان على طيف يبدأ من الشفافية التامة وينتهي بالألوان الغنية.

 

ومع زيادة كمية الشوائب العضوية الدقيقة يتحول اللون تدريجيًّا إلى درجات العسل والكرز الدافئة نتيجة لامتصاص الضوء الأزرق كما وضحنا.

 

وأحيانًا يكون توزيع فقاعات الغاز كثيفًا وعشوائيًّا لدرجة أنه يخلق مظهرًا رغويًّا أو أشبه بالريش داخل الحجر الشفاف، وهو دليل مرئي مذهل على ظاهرة الانتثار.

 

هذا المزيج الفريد من تاريخ الأرض وعلم البصريات هو ما يجعل كل قطعة كهرمان تحمل قصتها الخاصة غير القابلة للتكرار، ويضمن مكانتها كواحدة من أكثر الأحجار العضوية الكريمة رواجًا وإبهارًا في العالم. 

 

أنواع الانتثار الأخرى ذات الصلة بالكهرمان

هناك أنواع أخرى للانتثار داخل الكهرمان، وهي:

 

انتثار مي Mie Scattering

ويحدث عندما تكون الجسيمات المسببة للانتثار بحجم مقارب للطول الموجي للضوء، ويمكن أن تكون هذه الجسيمات في الكهرمان عبارة عن فقاعات هواء أو شوائب أكبر نسبيًّا، ويساهم هذا النوع من الانتثار في ظهور ألوان مختلفة بناءً على حجم الجسيمات وطبيعتها.

 

انتثار رايلي Rayleigh scattering

ويحدث عندما تكون الجسيمات المسببة للانتثار أصغر بكثير من الطول الموجي للضوء مثل الجزيئات الدقيقة أو العيوب المجهرية، وهذا النوع يشتت الضوء ذو الطول الموجي القصير (الأزرق والبنفسجي) بشكل أكثر فعالية، وهذا هو سر الألوان الزرقاء والنادرة في الكهرمان.

 

انتثار تيندال Tyndall Scattering

يشبه انتثار رايلي ولكنه يحدث في الأنظمة التي تحتوي على جسيمات أكبر قليلًا، مثل الجسيمات العالقة في الكهرمان، ويمكن أن يؤدي هذا النوع من الانتثار إلى ظهور تأثيرات ضوئية مميزة، مثل التوهج أو التشتت الملون عند تعرض الكهرمان للضوء.

 

انتثار رامان Raman scattering

ويحدث عند تسليط ضوء الليزر على الكهرمان، حيث تتفاعل الفوتونات مع الجزيئات داخله، مما يؤدي إلى تغير طاقة الضوء المنعكس قليلا، ويعمل هذا الانزياح في الطاقة مثل "بصمة" أو "هوية" فريدة تكشف التركيب الجزيئي الداخلي للعينة. 

 

ويستطيع العلماء من خلال هذه الظاهرة تمييز الكهرمان الحقيقي عن المزيف، وتحديد مصدره الجغرافي، وحتى دراسة الأحافير الدقيقة (مثل الحشرات) المحتبسة داخله بشكل مفصل وغير تدميري.

 

العوامل الخارجية المعززة للون الكهرمان

لا تقتصر جمالية لون الكهرمان على تركيبه الكيميائي الداخلي فحسب، بل تلعب العوامل الخارجية أيضًا دورًا أساسيًّا في تعزيز وتعديل هذه الألوان مع مرور الوقت.

 

أحد أهم هذه العوامل هو تكون طبقة الأكسدة على سطحه، فعند تعرض الكهرمان للهواء على مدى آلاف السنين، يتفاعل سطحه ببطء مع الأكسجين، ويتكون غشاء أو قشرة طبيعية رقيقة، تعمل هذه الطبقة المتأكسدة كمرشح ضوئي طبيعي، حيث تقوم بتعديل طريقة سقوط الضوء وانعكاسه وامتصاصه. 

 

والنتيجة هي تعكر اللون العام وظهوره بشكل أكثر عمقًا وغنى، مثل درجات العسل الداكن والكهرماني المحمر والبنّي العميق، والتي يجدها الكثيرون أكثر جاذبيةً وجمالًا من الألوان الفاتحة للكهرمان حديث التشكّل.

 

من ناحية أخرى، تبرز عملية الصقل والمعالجة التي يجريها الإنسان جمال الكهرمان الخام، وهذا يسمح للضوء بالاختراق بعمق أكبر والانتقال عبر المادة بسلاسة. 

 

وبالتالي، فإن هذه المعالجة لا تخلق لونًا جديدًا كما يعتقد البعض، بل تكشف عن جوهر اللوني الحقيقي الذي كان مخفيًّا، وتسمح لجمالية الكهرمان الطبيعية بالتألق بأقصى طاقتها.

 

عندما تختار منتجات حجر الكهرمان، تذكر أن سحر ألوانها الدافئة وتوهجها الفريد هو نتاج ظاهرة فيزيائية رائعة هي انتثار مي (Mie)، ولتقتني تحفة طبيعية حقيقية، يمكنك زيارة المتجر الملكي للكهرمان والاختيار من مجموعتنا المميزة التي تجمع بين جمال الطبيعة وأصالة الفن.


الاسمبريد إلكترونيرسالة